حفيد الخطابي: عائلة "الأمير" ليست مُتفقة على نشر مذكراته
نورالدين لشهب
الثلاثاء 12 فبراير 2013 - 21:05
أقامت مجموعة من الجمعيات الثقافية بمدينة الحسيمة ، وفي مقدمتها جمعية ذاكرة الريف، ندوة دولية تناولت "مشروع الأمير الخطابي بين تحديات المرحلة ورهانات الحاضر: قراءات استشرافية"، بمشاركة مؤرخين وباحثين من المغرب والجزائر وإسبانيا ومصر، ومن جزيرة لارينيون، حيث كان الخطابي منفيا طيلة واحد وعشرين سنة من سنة 1926 إلى 1947.
تركزت أغلب المداخلات على أفكار الخطابي السياسية التي كان يسعى إلى تحقيقها، وهو يحارب من أجل تحرير بلده من الاستعمار الإسباني والفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، أو تلك التي تعود إلى خطط حرب التحرير الثانية من أجل تحقيق الاستقلال التام لكل بلدان شمال إفريقيا في خمسينيات نفس القرن، حين لجأ إلى مصر، حيث منفاه الثاني بعد أن منحته حق اللجوء إليها سنة 1947 بعد مغادرته الباخرة التي كانت تقله من جزيرة لارينيون إلى جنوب فرنسا، وقد توفي في القاهرة سنة 1963. حيث لا يزال منفيا هناك محروما من ثرى بلده، الذي ضحى من أجله. كما أظهرت جل المداخلات التي تحدثت عن المشروع المجتمعي للخطابي أن أفكار الخطابي هي نفسها التي نادى بها شباب الربيع المغاربي.
كان تفاعل الجمهور الذي قصد دار الثقافة "مولاي الحسن" بالحسيمة، طبلة ثلاثة أيام قويا، وخاصة محاضرة الأستاذ مالبير تيري من جزيرة لا رينيون حول حياة الأمير وأسرته ومرافقيه في منفاه السحيق في تلك الجزيرة التي تبعد عن المغرب بحوالي 11000 كلم، حيث تم التعرف عن المعاناة النفسية والمعيشية والمضيقات المختلفة من السلطات الاستعمارية وفرنسيي الجزيرة الذين كانوا يعتبرون عبد الكريم رجلا متوحشا قاتلا للفرنسيين.
لكن حكمة الخطابي وصبره حوّل كل تلك الكراهية والنظرة الدونية إلى احترام وتقدير من قبل الجميع بما فيهم المسؤولين والضباط المكلفين بمراقبته. كما أنه لم يقف مكتوف الأيدي يشكو من قساوة معيشته، بل عمل على تدبر شؤون أسرته اقتصاديا حتى أصبح وأسرته ومرافقيه من الميسورين في الجزيرة.
لقد صحح الخطابي رؤية أهل تلك الجزيرة إلى أهل الريف، الذين أصبحوا مرجعا لطلاب الحرية ومنهجا لاستعادة الشعوب لجدارتها ودورها في التاريخ، حين أدركوا، كما أدرك الخطابي، أن بيدهم كل الحلول. فقد أوصل رسالة المغاربة الريفيين إلى الشعوب المستعمرة والتي مفادها "أن اطردوا عنكم الدهشة والذهول".
ومن جهة أخرى، وأثناء النقاش ، تساءل المشاركون والجمهور عن السبب الذي يجعل مذكرات الخطابي تبقى غير منشورة إلى الآن، وعن مقر القيادة في أجذير الذي ترك لعوارض الزمن وللزوال من الوجود بدل أن يصبح مركزا أو متحفا لحفظ ما يتعلق بتلك اللحظة التاريخية المشرقة للمغاربة، بل تساءل البعض عن مسؤولية عائلة الخطابي في "حصار" أو إخفاء المذكرات، وعن ترك مقر القيادة للخراب والزوال؟
غير أن عبد الكريم بن سعيد الخطابي، حفيد الأمير، الذي حضر جزءا من أشغال الندوة علق على مختلف التساؤلات بأن أعضاء عائلة الخطابي ليسوا متفقين على نشرها، حسب تعبيره. مما أحدث موجة من الاستياء العام بين الباحثين والمؤرخين والجمهور، متسائلين عن مدلول اعتبار مذكرات شخصية تاريخية كالخطابي إرثا عائليا مثلها كمثل العقارات والأموال.
إن ما جاء على لسان عبد الكريم بن سعيد الخطابي اعتبره المشاركون في الندوة شكلا من أشكال حصار تاريخ المرحلة بل حصار الأمير الخطابي نفسه، لا فرق بين مضمون كلامه وبين حصار الجهات الرسمية والأحزاب الذين غابت الذكرى الخمسين من أجنداتهم وبرامجهم، في الوقت الذي تظهر فيه جرأة الدوائر الإسبانية لتقييم هزائمهم في الريف ورد الاعتبار لقتلاهم.
أما في المغرب، كما عبر أكثر من مشارك، فإن حصار الخطابي قد امتد هذه المرة ليشمل أعضاء أسرته. خاصة إذا ما تأكد ما صرح به عبد الكريم بن سعيد الخطابي أمام الندوة أنه يعبر فعلا عن موقف أعضاء أسرة الخطابي، وبخاصة كريماته، السيدة رقية، والسيدة مريم، والسيدة عائشة.
إلى ذلك أوصى البيان الختامي للندوة بضرورة القيام بمسح شامل لأهم المواقع التي شهدت المعارك أثناء حرب التحرير الريفية ووضع رخاميات فيها تعريف موجز بتلك المعارك. كما وجه نداء للأسرة الخطابية لتوضيح موقفها من المذكرات، وبالتنازل عن مقر القيادة في أجدير لإقامة مركز للتوثيق والدراسات قصد تقديم الخدمات للباحثين والمهتمين خدمة للذاكرة الوطنية المشتركة.
الثلاثاء 12 فبراير 2013 - 21:05
أقامت مجموعة من الجمعيات الثقافية بمدينة الحسيمة ، وفي مقدمتها جمعية ذاكرة الريف، ندوة دولية تناولت "مشروع الأمير الخطابي بين تحديات المرحلة ورهانات الحاضر: قراءات استشرافية"، بمشاركة مؤرخين وباحثين من المغرب والجزائر وإسبانيا ومصر، ومن جزيرة لارينيون، حيث كان الخطابي منفيا طيلة واحد وعشرين سنة من سنة 1926 إلى 1947.
تركزت أغلب المداخلات على أفكار الخطابي السياسية التي كان يسعى إلى تحقيقها، وهو يحارب من أجل تحرير بلده من الاستعمار الإسباني والفرنسي في عشرينيات القرن الماضي، أو تلك التي تعود إلى خطط حرب التحرير الثانية من أجل تحقيق الاستقلال التام لكل بلدان شمال إفريقيا في خمسينيات نفس القرن، حين لجأ إلى مصر، حيث منفاه الثاني بعد أن منحته حق اللجوء إليها سنة 1947 بعد مغادرته الباخرة التي كانت تقله من جزيرة لارينيون إلى جنوب فرنسا، وقد توفي في القاهرة سنة 1963. حيث لا يزال منفيا هناك محروما من ثرى بلده، الذي ضحى من أجله. كما أظهرت جل المداخلات التي تحدثت عن المشروع المجتمعي للخطابي أن أفكار الخطابي هي نفسها التي نادى بها شباب الربيع المغاربي.
كان تفاعل الجمهور الذي قصد دار الثقافة "مولاي الحسن" بالحسيمة، طبلة ثلاثة أيام قويا، وخاصة محاضرة الأستاذ مالبير تيري من جزيرة لا رينيون حول حياة الأمير وأسرته ومرافقيه في منفاه السحيق في تلك الجزيرة التي تبعد عن المغرب بحوالي 11000 كلم، حيث تم التعرف عن المعاناة النفسية والمعيشية والمضيقات المختلفة من السلطات الاستعمارية وفرنسيي الجزيرة الذين كانوا يعتبرون عبد الكريم رجلا متوحشا قاتلا للفرنسيين.
لكن حكمة الخطابي وصبره حوّل كل تلك الكراهية والنظرة الدونية إلى احترام وتقدير من قبل الجميع بما فيهم المسؤولين والضباط المكلفين بمراقبته. كما أنه لم يقف مكتوف الأيدي يشكو من قساوة معيشته، بل عمل على تدبر شؤون أسرته اقتصاديا حتى أصبح وأسرته ومرافقيه من الميسورين في الجزيرة.
لقد صحح الخطابي رؤية أهل تلك الجزيرة إلى أهل الريف، الذين أصبحوا مرجعا لطلاب الحرية ومنهجا لاستعادة الشعوب لجدارتها ودورها في التاريخ، حين أدركوا، كما أدرك الخطابي، أن بيدهم كل الحلول. فقد أوصل رسالة المغاربة الريفيين إلى الشعوب المستعمرة والتي مفادها "أن اطردوا عنكم الدهشة والذهول".
ومن جهة أخرى، وأثناء النقاش ، تساءل المشاركون والجمهور عن السبب الذي يجعل مذكرات الخطابي تبقى غير منشورة إلى الآن، وعن مقر القيادة في أجذير الذي ترك لعوارض الزمن وللزوال من الوجود بدل أن يصبح مركزا أو متحفا لحفظ ما يتعلق بتلك اللحظة التاريخية المشرقة للمغاربة، بل تساءل البعض عن مسؤولية عائلة الخطابي في "حصار" أو إخفاء المذكرات، وعن ترك مقر القيادة للخراب والزوال؟
غير أن عبد الكريم بن سعيد الخطابي، حفيد الأمير، الذي حضر جزءا من أشغال الندوة علق على مختلف التساؤلات بأن أعضاء عائلة الخطابي ليسوا متفقين على نشرها، حسب تعبيره. مما أحدث موجة من الاستياء العام بين الباحثين والمؤرخين والجمهور، متسائلين عن مدلول اعتبار مذكرات شخصية تاريخية كالخطابي إرثا عائليا مثلها كمثل العقارات والأموال.
إن ما جاء على لسان عبد الكريم بن سعيد الخطابي اعتبره المشاركون في الندوة شكلا من أشكال حصار تاريخ المرحلة بل حصار الأمير الخطابي نفسه، لا فرق بين مضمون كلامه وبين حصار الجهات الرسمية والأحزاب الذين غابت الذكرى الخمسين من أجنداتهم وبرامجهم، في الوقت الذي تظهر فيه جرأة الدوائر الإسبانية لتقييم هزائمهم في الريف ورد الاعتبار لقتلاهم.
أما في المغرب، كما عبر أكثر من مشارك، فإن حصار الخطابي قد امتد هذه المرة ليشمل أعضاء أسرته. خاصة إذا ما تأكد ما صرح به عبد الكريم بن سعيد الخطابي أمام الندوة أنه يعبر فعلا عن موقف أعضاء أسرة الخطابي، وبخاصة كريماته، السيدة رقية، والسيدة مريم، والسيدة عائشة.
إلى ذلك أوصى البيان الختامي للندوة بضرورة القيام بمسح شامل لأهم المواقع التي شهدت المعارك أثناء حرب التحرير الريفية ووضع رخاميات فيها تعريف موجز بتلك المعارك. كما وجه نداء للأسرة الخطابية لتوضيح موقفها من المذكرات، وبالتنازل عن مقر القيادة في أجدير لإقامة مركز للتوثيق والدراسات قصد تقديم الخدمات للباحثين والمهتمين خدمة للذاكرة الوطنية المشتركة.